لا يستطيع أن يدعى أحد ان حياته كلها كانت هادئة ... دون أحداث عجيبة أو مغامرات خيالية .... دون أن يقابل أو يشاهد أو يسمع أشياء جعلت حاجباه لم يعودوا من قبل كما كانوا ... لكننا دائما ما نبقيها فى أعماق ذاكرتنا ونكتفى بتذكرها من وقت لأخر كى نسرى عن أنفسنا ونضحك عندما تخطر على بالنا ... قليلون هم من قرر أن يسردها بل ويدونها كتجارب تعلم منها الكثير وأراد يشاركها مع الناس ... والحقيقة لم أجد داعيا الى ان تبقى تلك الاحداث فى ذاكرتى حبيسة كل هذا الوقت دون طعام أو شراب .... فقررت أن أكون من هولاء
سأحكى لكم بأذن الله سلسلة مغامرات مررت بها فى حياتى .. منذ متى ... لا أدرى ... نجعلها منذ الصغر ؟ ... ربما لأن أكثر المغامرات أمتاعا وخطورة ما كانت فى الطفولة حيث يستريح العقل قليلا أستعدادا لتلك المهمة الشاقة حينما نكبر ونبدأ فى تحمل المسئولية ... حسنا نجعلها منذ الطفولة
مغامرة 1 : أقامة الدولتان سيمونو وبطة
سأحكى لكم بأذن الله سلسلة مغامرات مررت بها فى حياتى .. منذ متى ... لا أدرى ... نجعلها منذ الصغر ؟ ... ربما لأن أكثر المغامرات أمتاعا وخطورة ما كانت فى الطفولة حيث يستريح العقل قليلا أستعدادا لتلك المهمة الشاقة حينما نكبر ونبدأ فى تحمل المسئولية ... حسنا نجعلها منذ الطفولة
مغامرة 1 : أقامة الدولتان سيمونو وبطة
كنت أنا وأخى متقاربان فى السن .... فهو أكبر منى بسنة ونصف .... كان أهدأ منى كثيرا فقد كنت بالمقارنة به قنبلة موقوتة ( لا أتذكر ذلك كثيرا أقاربى هم من يقولون لى ذلك .... اذكر فقط بعض الأجهزة المدمرة والأطباق المكسرة والدواليب المخلعة ....لكن أعتقد أنه لا يشبه كثيرا تأثير القنبلة ) .... كان يحب الأختراعات ولا يهدأ له بال الا اذا أمسك كل جهاز فى البيت وفكه حتى يخرج بكنزه الثمين ( الموتور ) (نفسى أعرف ايه كان سر أعجابه الشديد بيه ) ... بينما كنت أميل الى القراءة أكثر وأقضى ساعات وربما أيام أنتهى من هذا الكتاب أو ذاك من مجموعة القصص التى أستعريها من المكتبة ... والحق أن أبى كان قدوتى فى ذلك ... كان يحرص (الى الأن ) أن يذهب الى المكتبة صباح كل جمعة وأن تذهب العائلة كلها معه .... ومن ثم بعد ذلك نذهب الى النادى أو أى مكان اخر ... جعلنى أحب جوها ومنظر الكتب وغرفة الأنشطة والحديقة والرحلات التى كانت تقوم بها المكتبة من وقت لأخر ... أذكر أنهم فى غرفة الأنشطة جاء وفد من الصين وقام بتعليمنا بعض اللعب المعمولة من الورق ...وأعطونا كتاب ضخم لا أفقه فيه شيئا عن الصين وحضارتها ... أذكر أننى كنت أجد متابعة ما يفعله الرجل صعبة للغاية ... فجاءت البنت المساعدة ووقفت بجانبى وعملت كل الاشكال التى كان يصنعها الرجل ... كانت أكثر من رائعة ... والغريبة أنها ظلت تبتسم لى طوال الوقت وتعاملنى بغاية الرقة رغم فشلى التام فى صنع أى لعبة ... كانت تأخذ محاولتى الفاشلة وتعيد تركيبها بصبرشديد .... لدرجة ان ولدان أمامى فى سنى تقريبا كانت أعينهم تنطق بالموت الزوءام أذكر أيضا فى غرفة الانشطة ( دى لوحدها فيها حكايات ) كان هناك وفد يقوم بتعليمنا القص واللزق وأزاى نعمل بهم أشكال ... كانوا قد أعطونا ورقتان رئيسيتان وبعض الادوات ... لم أكن قد جربت ذلك من قبل ... وبعدها خطر على بالى أن أرسم أنسان أعضاء جسمه مختلفة ... يعنى أنفه مثلت وعينيه مدورة وجسمه مربع وهكذا .... شعرت انها فكرة حمقاء لكنى أكملتها ,..وقمت فى الورقة الاخرى بقصها على شكل وجه قطة لها شوارب ... كنت سعيدة بالصورة الثانية أكثر ... وسلمت الورقتان ورحلت .... بعد أيام ذهبت الى المكتبة مرة اخرى فوجدتهم قد أقاموا معرض بأفضل الصور التى قام بها الأطفال فى اليوم أياه ... وفوجئت بالصورة التى تحمل الانسان الألى معلقة فى المعرض ... فوجدتنى رغما عنى أنظر أليها بشكل مختلف ... وتعلمت درسا ان ليس كل ما تجده احمق يكون بالضرورة أحمق .... أمهله الفرصة كى يفصح عن نفسه ...
قمنا برحلات كثيرة .... الى القلعة والمتحف المصرى وبانورما مصر والقرية الفرعونية ... فى القرية الفرعونية كان يوجد ممثلين يقومون بتمثيل أنهم من الفراعنة ... وكان هناك واحد يمثل أنه من المصريين القدماء يجلس امام بيته وأمامه طبق العنب ... كان السياح ينظرون الى ذلك بكل أحترام ... بينما عندما دخلنا نحن لم تكف التعليقات السمجة عن الأنطلاق من عينة .... هو ده عنب حقيقى ولا صناعى ... ممكن الطرطور ... أمال فين المدام و العيال ... لدرجة ان الرجل لم يتمالك نفسه الا ان ضحك .... بس الحقيقة لم أكن أحب الجو الفرعونى بقدر ما احببت جو القلعة بمساجدها وزخارفها والاحساس الغريب الذى تشعره عندما تدخلها وأيضا بانورما مصر بأبطالها وقصة الحرب وأنتصارنا ... دائما ما أشعر ان حضارة الفراعنة حضارة أنانية لم تعطى الكثير مثلما أعطت الحضارة الاسلامية ... نعم عظيمة وكبيرة لكنها لم تنفع احدا غيرهم ... والدليل ان حجر رشيد لم تفك الغازه الا بعدها بالالاف السنين والى الأن هناك أسرار كثيرة عنهم لا تعلم عنها شيئا ... الامر الذى لا تجده تماما فى الاسلامية والتى أعطت كل الخير والعلم والادب للبشرية دون أن تجد غضاضة فى ذلك ....
أعود ثانية الى قصتى أنا وأخى ... فعلاقتنا كانت غريبة للغاية ... رغم تباين أهتمامتنا وأفكارنا ... فقد كنت أقلده فى كل شىء فلم يكن لى أخا غيره لعدة سنوات ... أذهب معه الى كل مكان وألعب كما يلعب حتى لو لم أحب ذلك كثيرا ... كان لكل منا مكتب ودولاب وسرير ... ذات يوم وجدت أخى قد أعلن قيام دولة ( سيمونو ) والتى تتكون من : سريره ومكتبه ودلاوبه ... لم أتحمس للفكرة كثيرا فى البداية لكن فكرة شن الحرب على ممتلكاتى وسلبها اذا لم أقم ببناء دولة مناظرة أزال التردد تماما ...
أقمت دولة مناظرة من سريرى ومكتبى ودولابى أيضا وأسميتها ( بطة ) ... لماذا ؟؟؟ ... لماذا ماذا ؟؟ ... لماذا أسميتها ذلك الأسم ... لا أدرى ... هو الذى خطر على بالى حينها ... ربما لأنى أيضا وقتها كنت أدمن قصص بطوط ... المهم ... أخذ كلا منا فى الأهتمام بمملكته ويعنى بها أشد العناية ... كنا نعلق لوحات لميكى وبطوط ونعلق زينة ... وكثيرا ما كنا نتفاوض على الحدود المقامة بين الدولتين مخدتك داخلة فى حدودى ... حسنا الا تلاحظ أن حذائك فوق أرضى .... وهكذا ... ولأن اخى ولد والأولاد فى هذا السن يمليون الى الشجار والهزار العنيف فقد رأيت منه الكثير ... فكان من وقت لأخر يعلن الحرب على ( بطة ) ... وأفاجأ بسيل من القذائف المكونة من الشباشب والاحذية تنهال على دولتى ويتخذ من الكرسى ستارا ... ولكن للحق كان يعلن قبلها أنه على وشك الحرب ولم يكن على غفلة ... ثم بعد ذلك تأتى القذيفة الثقيلة من أمى ان نرجع كل حاجة الى مكانها والااااا ...........
أستمرت الدولتان عدة سنوات ... ثم أنهارتا .,.. الحقيقة لا أذكر الى اليوم لماذا ولا متى .... فجأة وجدنا أنفسنا مللنا الفكرة .... ثم عادت الدولتان الى أصلها الذى دخلت به البيت أول مرة ... مكتب وسرير ودلاوب
حسنا .... أعتقد أن هذا يكفى لليوم .... فأقامة دولتان يأخذ فى الواقع عشرات السنين ... فكيف أتحدث عن أى شىء بعدهم ... نعود بأذن الله المرة القادمة كى نتحدث عن ( مصيدة الأصدقاء – أرجوحة كبيرة )