ماذا !!! ... كيف ... متى ... والأهم لماذا ... لماذا متحف أحمد شوقى بالذات من دون الأثار كلها فى مصر ...انا نفسى لا اعرف ... فجأة وجدت قدمى تقودنى الى حيث كان ولهذا قصة سأسردها عليكأستيقظت ذلك الصباح وانا اريد ان افعل شيئا مختلفا ... لا اريد ان تغرب الشمس ولم ار شيئا جديدا فقمت من فورى ونزلت امر على المكتبة كى استعير حصة الأسبوع من الكتب ثم عندما وجدت انه لا شىء مختلف استعرت كتبى ورحلت ... اخذت امشى بجوار شارع النيل ... شارع هادىء وجميل والنيل يسير بجانبه حاملا سلسلة من المطاعم العائمة التى تسد منظره مما يجعلك لا تكاد ترى النيل تماما وانت لا يفصلك عنه سوى سورحديدى قصير ... المهم اكملت المشى وعندئذ رأيته ... كنت أعلم بوجوده فى هذا المكان منذ وقت طويل ولكن روادنى خاطر ان ما أبحث عنه اليوم سأجده هنا ... المنظر من الخارج يوحى اليك انك ستدخل قصرا جميلا ... حزمت امرى ودخلت بكل حذر فالمكان لا تكاد ترى فيه احدا ... الى ان لمحت عسكرى فتذكرت على الفور اللوحة التى سُرقت فهممت ان اعود ادراجى هاربة ولكن تذكرت اننى لم اسرقها فهدأت نفسى ودخلت ... قلت لنفسى بالتأكيد بعد ما حدث سيضعوا حراسة مشددة على ابواب المتاحف ويضعون كلابا تنطلق من عينيها الشرر... لكن كل ما رأيته عسكرى يكاد يكون نائما اول ما رأنى اعتدل قليلا وابتسم فى وجهى مما شجعنى ان اسأله : هو انا ينفع ادخل ؟ .. فقال: بالطبع ... هل انتى موظفة ام طالبة ؟ ... لم احاول ان اسأله وماذا لو كنت كذلك واخبرته انى مجرد زئرة فقال لى : تفضلى ادفعى رسم الدخول جوه ...
عندما دخلت وجدت غرفة بها بعض الناس اول ما رأونى هب واحد منهم واقفا لا يكاد يصدق عيناه ولسان حاله يريد ان يقول : اخيرا الفرج ... يا اما انت كريم يا رب ... وظلوا يتكلمون معى فى وقت واحد وكأنه دخل عليهم ضيفا طالت غيبته على غفلة فأحتاروا كيف يضيفونه ... فى النهاية فهمت انه يجب ان ادفع جنيه واعطيه البطاقة كى يصورها ورأيت شخصا قام وقال لى : اتفضلى معايا ... ففمهت انه المرشد السياحى فى تلك الرحلة القصيرة ... صعدنا الدور الأول ... المكان واسع رحب محبب للنفس ويدل على ذوق فنان بالفعل ...دخلنا حجرة نومه وبينما اتأمل الحجرة واحاول ان ارجع بذاكرتى لذلك الماضى الجميل ووجدت المرشد قد فتح ما يشبه اذاعة الشرق الأوسط واخذ يسرد على قصة أحمد شوقى وكيف انه عاش فى ذلك المنزل 12 سنة تقريبا وقد كان يحب الكتابة فى غرفة نومه مما دفعه ان يصمم غرفة اخرى لزوجته حتى لا يزعجها وقد احضر لها سريرا جميلا منقوش عليه "نوم العوافى" ... ثم اخذ المرشد ينتقل بى من غرفة لأخرى ورغم الاثاث البسيط الصغير الا انه كان من عبق الماضى مما اكسبه جمالا فوق الجمال ... دخلنا غرفة مكتبه ... المكتب يقع امام نافذة تطل على النيل ... فأخذت افكر بالتأكيد منظر النيل كان يلهمه بأشياء كثيرة ولكن وجدت المرشد يخبرنى انه كان يجلس فى مكتبه فقط لأنهاء عمله ولكنه كان يفضل الكتابة فى غرفة نومه
ذهبنا الى غرفة الأطفال التى تحولت الى مكان يضعون به التشريفة التى كان يقابل بها الخديوى ونياشينه ومسودات أعماله ... كانوا يعلقونها على الحائط فى بروايز ... اخذت اتأملها دون ان اقرأها ... كم ان خطه جميلا رغم انها مسودة ... واردت ان استمر فى تلك الوقفة واقرأ كل واحدة منهم لكن وجود المرشد بجانبى ازال عن الفكرة تماما ... ولكن اكثر شىء لاحظته ان فى كل شبر من المنزل تقبع صورا هنا وهناك ... صور الاب احمد شوقى وزوجته واولاده ولكن اكثر ما رأيت كانت صور حفيدته أمينة ... يبدو انها كانت المفضلة عندهم ويبدو انها قد حفظت هذا الحب ببعض اللوحات التشكيلية اهدتها للمتحف ... ارانى احداها المرشد ثم انتقل بى الى صورة اخرى تشبهها تماما ... قلت له : مش نفس الشخبطة ااااااه اقصد اللوحة ...فقال :لأ دى واحدة ثانية ...فقلت له بكل ثقة : مش فارقة ما هما نفس الشكل ... فضحك دون ان ادرى ايسخر من جهلى ام يوافقنى الرأى ... كان الدور الأول على الطراز الاوروبى واعمدته الرخامية اية فى الجمال ... كانت هناك صورة نادرة لنابليون وهو فى حالة من السكر ... واخذت اتعجب كيف تصنع الخمر من انسان عظيم مهيب وتجعل منظره مقززا هكذا لا يكاد يستطيع الوقوف على قدميه
نزلنا الدور الأرضى ... اول ما وقعت عليه عيناى مرأة ضخمة للغاية طولها يصل الى السقف ومليئة بالنقوش ...فأخبرنى المرشد انها اتية من فرنسا كمعظم اثاثه ... ثم اشار الى السقف ووجدتنى قد اطلقت اهه رغما عنى ... فالسقف تحفة فنية غاية فى الأبداع ملىء بالنقوش الأسلامية ... لقد صمم احمد شوقى منزله بحيث يكون الدور الاول على الطراز الأوروبى والدور الارضى على الطراز الأسلامى ... ثم ذهبنا الى المندرة التى كان يجتمع بها مع اصدقائه ويستقبل ضيوفه ... رأيت صورة كبيرة للغاية لثمانية افراد يلعبون لا تكاد حينما تتأملها سوى ان تقول : ان تلك اللوحة تريد ان يخبرنى شيئا ما لكن ما هو لا ادرى ... ولكن اغلب حجرات الدور الأول قد تحولت الى مكاتب موظفين ... ثم فجأة وجدت المرشد يقول لى : شرفتينا يا فندم ... سألته : امشى ولا ايه ... قال لى : لأ حضرتك تقدرى تتجولى فى المكان زى ما تحبى ... فقلت فى نفسى : اخيرا سأشاهد المنزل دون ان اخجل ان اطيل ... فصعدت مرة اخرى واخذت اتجول ولكن بشكل اكثر تركيزا وحزنت انه لا يمكن ان أصور كل ذلك الجمال ... فلما استكفيت نزلت والقيت نظرة اخيرة على تلك المرأة التى ابهرتنى وذلك السقف الرائع الجمال ... ثم وانا امشى من البيت نظرت خلفى نظرة مطولة اودعتها كل الحنين لذلك الماضى الجميل...
وكل الأعجاب لذلك البيت الهانىء ...
الذى كان يعيش بين جنباته فى يوم من الأيام ...
اعظم شعراء القرن قاطبة ...
ثم اكملت طريقى ...