أممممم .... فارغة كعادة كل يوم .... لا بأس سأنتظرك ولو الى أخر العمر "
قالها وهو يغلق باب بيته ويحمل تلك العلبة الفارغة التى لم تمتلأ يوما ما منذ أن بدأ يضعها امام منزله ... أخذ ينظر اليها بحسرة وتلهف وكأنه سيخرج منها شيئا ما فى هذه اللحظة ... لكنها ظلت كما هى ... فارغة لا شىء فيها .... لكن لا بأس لن يفقد الأمل فى أنها ستأتيه يوما ما وتغير حياته للأبد .... لقد خسر الكثير من اجلها .... انه لا ينس ذلك اليوم يوم عيد ميلاده الاربعين .... لحظة فارقة فى حياته .... زوجته توفت منذ زمن تاركة له أولاده الاثنين .... أصبحوا كل حياته .... لم يدخر جهدا فى ادخال كل أسباب السعادة أليهما .... حرص على تعليمهم أحسن التعليم .... عينوا فى وظائف مرموقة وسافروا الى الخارج ..... أنه لا ينسى قط أبنه الشقى الصغير .... كان كل مرة فى عيد ميلاده يتسلق شرفة المنزل متسللا الى غرفته ويضع تحت سريره هدية عيد ميلاده مع بطاقة يخبره فيها أنه يحبه كثيرا ... كم كان ذلك يسعده للغاية .... ااااااه كم كان يشتاق أليهم .... لم يعد يراهم الا من السنة للسنة ...... شغلتهم الدنيا وحياتهم عنه ولكن لا بأس .... أنهم سيأتوا فى ليلة عيد ميلاده ويملأوا عليه حياته حبا وسعادة كالأيام الخوالى ... كل شىء معد فى أستقبالهم
جلس وأنتظر طويلا ... لم يأتى أحدا .... لا شىء سوى الصمت الرهيب ... وعندما دقت الساعة الرابعة فجرا وجدهم يدخلون عليه كما لو لم يكن شيئا .... أيديهم خاوية ونظراتهم تحمل كل اللامبالاة ..... عندها فاض الكيل ..... أخبرهم كم هم فى غاية القسوة .... أخبرهم أنه عاش حياته من اجلهم وكان يتوقع منهم ولو قطرة من الحب .... ولو ذرة من الأهتمام ولكنهم لم يفعلوا ..... أنهم أضاعوا من عمره الكثير وأنهم كانوا سببا فى ضياع السعادة منه ..... أخبرهم أنها سوف تأتيه فقط عندما يرحلوا عن حياته كلها ... أخبرهم بالكثير والكثير حتى أنه لم يعد هناك المزيد ليقال .... رحلوا دون أن ينطقوا بكلمة .... ولكن لا بأس ... فى يوم ما ستأتى ... فى يوم ما سأفتح تلك العلبة لأجدها ....
مرت الأيام وشرقت الشمس وغربت والعلبة كما هى فارغة لا شىء فيها .... ربما تأتى و أنا غير موجود بالمنزل .... حسنا سأتر ك عملى حتى اذا أتت وجدتنى .... لكن أيضا لا شىء .... حسنا ربما تخاف الناس التى تدخل وتخرج من المنزل .... سأعتزل الناس كلها ولن اخرج من منزلى حتى تأتى
وظل ينتظرها طويلاااااااا ....
و بعد مدة .......
شخصان يقفان أمام ذلك المنزل
1 : تقول ان ذلك المنزل كان من أسعد المنازل فى الحى ... كيف ذلك والاولاد لم يرهم احدا منذ 10 أشهر .... ووجدوا الاب متوفيا فى فراشه ..... أنهم يقولون أن ظل هكذا لمدة عشر أيام قبل أن يعلم بوفاته أحد
2 : صدقنى كما أقول لك ... وعموما لقد كان مجنونا على أية حال .... أننى كنت أراه كل يوم يضع علبة فارغة امام منزله ويقول أنه بأنتظار أن يفتح العلبة فيجد السعادة فيها ..... لقد كان يراقبها ليلا ونهارا على امل أن تأتى ..... مجنون حقا ......
1 : أتدرى يقولون أنهم وجدوا علبة صغيرة بغلافها تحت سريره عليها تراب كثيف .... يبدو انها لم تمس منذ زمن ... وعندما فتحوها وجدوا بها قلبا صغيرا رقيق للغاية بجواره بطاقة مكتوب عليها
كم أحبك يا أبى .... كل عام وانت بألف خير فى عيدك الأربعين
أبنك الصغير : أحمد
تلك كانت قصة من مئات القصص التى كنت فيها موجودة ولكن لم يشعر بى صاحبها ..... نعم أننى قد أكون موجودة تحت أقدامك وأنت لا تدرى ..... تنظر بعيدا .... وتظل تبحث عنى كثيرا وأنا أقرب ما أكون أليك ..... نعم قد أكون صغيرة للغاية .... قد أكون أبتسامة حب من أبيك .... صرخة سعادة من طفلك عندما تأتى أليه بحلوى .... هدية صغيرة من أخيك ... لكن ذلك يمثل فارقا كبيرا لك لأنها تأتى من اناس يعنون لنا الكثير ..... لكن المهم هو أن تقدر ذلك جيدا ولا تجعلنى أضيع من يديك بتلهفك الى ما ليس بيديك .....
توقيع
السعـــــــــادة
0 التعليقات:
إرسال تعليق