كان فيلما رائعا ذلك الذى شاهدته منذ شهور وعدت وشاهدته ثانية البارحة ... فيلم الجزيرة للمخرج شريف عرفة وللممثل البارع أحمد السقا ... حقيقة ان هذا الفيلم يستحق ان يُسطر فى كتاب الأفلام التاريخية ...كل ما فيه بيهرك ...أخراجه وتمثيله وفكرته والمعنى الذى يريد ايصاله...ولمن لم يشاهده فأنه أجمالا يحكى عن رجل يدعى حسين تربى ووالده رئيسا لجزيرة فى أعماق الصعيد...مات والده وترك له هذا الأرث مع ثأر دائم بينه وبين عائلة اخرى من الصعايدة...المفترض انه يتاجر فى المخدرات ويأوى فى جزيرته مجرمين مسجلين خطر والمفترض ان الحكومة تعلم ذلك جيدا... لذلك فأن المكان الطبيعى لمثل هذا الرجل هو فى غياهب السجون مع كل من تعدى وتطاول على هيبة واحترام القانون... لكن ما حدث كان غير ذلك... وضع تحت لكن الف خط ... فالذى حدث انه عقد اتفاقا مع الحكومة انه من فترة لأخرى سيمدهم بأرهابيين يقبضون عليهم فقد كانت تلك الفترة تفجيرات الارهابيين فى قطاع السياحة وكان لابد من القبض عليهم والا لن يسلموا من محاسبة المسئولين والصحافة وووو ... ولا مانع ايضا من امدادهم بضبيطات مخدرات حتى تكتمل الصورة ويعرف الناس ان الوضع مستتب ومُسيطر عليه فى الصعيد ... كل هذا فى مقابل ان تغطى الحكومة سمعها وبصرها عما يفعله هذا المجرم وعن اى جرائم يقترفها ... واستمر الحال هكذا وكلا من الطرفان راضيان طالما كلا منهما بينفع وبيستنفع الى ان اتى يوما ضابط صغير ولكن نزيه ولم يكن يعلم اى شىء عن تلك الاتفاقات السرية... هدد عرش ذلك الملك .. قال له انك ستحاكم على كل ما اقترفته يداك من الجرائم فما كان جوابه بعد ان كبر وطغى الا ان قال :
من النهاردة مافيش حكومة .... أنـــــــــــــــــــــــــا الحكومة
تعتقد انها حبكة فى فيلم درامى ... او ربما مقولة قالها شقى خارج عن القانون ... دعنى اخبرك ان تلك المقولة نسمعها يوميا ولن اقول لك من ملك على جزيرة ولا حوت من حيتان البلد .... انك تسمعها من سائق الميكروباص ... من عامل فى الهيئات الحكومية ... من شخص يظل يقول لك عجلة لورا عجلة لورا وحينما تجد ان هذا الشخص لم يفعل شيئا يستحق عليه مكافأة تجده كشر عن انيابه ويتعامل معك ان تلك المنطقة التى ركنت فيها هو سيدها وانك يجب ان تدفع اتاوتها... ووووو غيرها من الالاف الامثلة من الناس التى تخبرك وتؤكد لك ان لا صوت يعلو فوق صوتهم وانهم هم من يضعون القانون واللى مش عجبه يورينى هيعمل ايه ... هذا فى احسن الأحوال ... قد يصل الامر الى ان تُهان وتُضرب ويُمسح بكرامتك الارض اذا قررت ان تكون (بعيدا عن اذان السامعين) شجاعا وتخبره ان هذا لا يُرضى الله ... لقد وصل الامر ذات مرة ان رأيت سائق ميكروباص لمجرد ان تجرأ واحد وسأله لماذا الاجرة بكل هذا الثمن اخذ يهينه بوالديه وانه صعيدى وغبى وان ما كانش عجبك انزل وهأوريك وووووو والمسكين فى حالة ذهول ... ما الذى فعله لكل هذا ... حتى انه اثر السلامة بالا يرد عليه والا حدث له ما لا تُحمد عقباه ... أصبح لكل واحد دولة خاصة به ووضع قوانينها واحكامها واخذ يفرضها على خلق الله ... حسنا احب دائما عندما استعرض امرا ان احوله الى معادلة ... معادلة لها عوامل ونتائج ... اننا الان امام نتائجها وهى جملة :أنا الحكومة ... انا القانون ... لا صوت يعلو فوق صوتى ... نتيجة خطيرة وبالتأكيد العوامل التى ادت اليها بذات الخطورة .... اولا : الشخص الذى من المفترض انه مسئول عن الحفاظ على القانون والتأكد انه يُطبق وان من يتجاوزه سوف يُردع قد باع ضميره بأرخص الأثمان وطالما هناك رشاوى وعيديات وووو على قارعة الطريق فمن اين سيأتى الردع ... ثانيا : شعب سلبى مستسلم اينما توجهه الامواج هو معها حتى وان كان فيها غرقه وضياعه ولسان حاله يقول : وانا فى ايدى اعمل ايه .... ثالثا: عندما تصبح الجريمة والعلو فوق القانون عينى عينك واسمع واشاهد بأذنى وعينى من يقول : يا عم سيبك احنا هنضبطه بمئة جنيه وهيسيبنا فى حالنا وامام اعين الناس جميعا .... رابعا : عندما تدرك جيدا انه لا قانون فى البلد وانه كى تأخذ بحقك لابد ان تتسلح بكل انواع الأسلحة من سب وضرب ومال وسلاح ابيض .... عندها فأن تلك هى النتيجة الطبيعية للمعادلة ... ولن تحتاج الى ان تضرب اخماسا فى اسداس كى تصل اليها ...
لا يوجد شعبا اقام حضارة وسيادة لن اقول لك دون قانون ولكن دون اناس حرصوا على تطبيقه حتى لو كان على اهلهم واحبائهم ... انظر الى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : انه اهلك من كان قبلكم انهم كان اذا سرق فيهم القوى تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد ... وايم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ...انظر الى ذلك الحديث لتعرف ما هى المعادلة المعاكسة ... المعادلة التى ستكون نتيجتها : لا صوت يعلو فوق صوت القانون وان حقك ستأخذه ولن يظلمك احد ... تعال نرى ما عواملها : اولا وجود العقوبة للجريمة .... ثانيا : تطبيق تلك العقوبة ....ثالثا : المساواة فى تطبيقها ... رابعا: حتى لو كان ابنى او اخى او اعز الناس عندى ... واذا نظرت جيدا ستجد ان هذا هو حال اى بلد ذات حضارة وتقدم ... لقد احترمت شعبها وضميرها فأنتجت وتقدمت وما كان لها ذلك لو ان الظلم وجبروت الناس هو السائد فيها , قال الله تعالى : وما كنا مهلكى القرى الا واهلها ظالمون
تعال نقف امام حسين وامثاله ... تعال لا نكون مثل من وقف فى صفهم وامدهم فى طغيانهم ... نعم قد نُهان وقد تُجرح كرامتنا ولكن كى تغير لابد ان تعرف انك ستدفع الثمن والا دفعه اجيالا ستأتى من بعدنا تربت على يد ملك الجزيرة وتعلمت الخوف والصمت
تعلمت ان هناك قانونا اخر وانهم لابد ان يخضعوا اليه
وان جملة : من النهاردة ما فيش حكومة ... انا الحكومة
من حق كل انسان ان يقولها....
ويطبقها ...
2 التعليقات:
تجربة
أختى فى الله سارة
أشكرك على موضوعك ومعالجتك لهذه الظاهرة أو الوباء الذى إنتشر فى بلادنا!!
زمان كنا نسمع المتعجرف بيقول "إنت متعرفش إنت بتكلم مين .." ومازالت ..
أما الأن بقت "أنا الحكومة" !!
كل واحد بقى له قوانينه، على فكرة الكلام ده مش عالناس المفترية أصحاب النفوذ !!
لأ ده بقى ممكن صاحب الكشك أو محل يفرض قوانينه على الرصيف اللى المفروض إننا كبشر نمشى عليه مش للبضاعة !!
وعندك بقى سواق الميكروباص .. دول بقى ماشاء الله ليهم دستور لوحدهم !!
حسبى الله ونعم الوكيل
إن شاء الله خير
إرسال تعليق