قرأت رواية بعنوان مكان صغير فى الكون ... وتحكى هذه الرواية بأنه كان هناك فتاة تدعى "هاتى" لها ابوين رائعين وجدين مثاليين يهتمون بمظهرهم ووضعهم الاجتماعى بين الناس اكثر من اللازم ... فى يوم من الايام اكتشفت "هاتى" ان لها خالا يدعى "ادم" يعانى من بعض المشاكل العقلية وانه سيمكث معهم طوال فترة الصيف ... احبت هاتى خالها كثيرا واعتبرته مثلها غريب يكمن فى مكانه الصغير من الكون ... طالما ما حاول ابواه ان يخفياه عن العالم وعن انظار الناس وقسوا عليه وطالما حاول هو جاهدا ان يهرب من ذاك السجن الذى يضعونه فيه ... احب ادم فتاة جميلة كانت تسكن فى ذات بيت هاتى بمشاعر الشباب الغض التى كانت تسكن بداخله والتى لا علاقة بها بما يدور بعقله وكانت هى بدورها تلاطفه وتعطف عليه من باب الشفقة ... واستمرت الحياة بين هاتى وخالها كل يوم تكتشف انه مصدر للسعادة المجردة من اى شىء ... بعض الاحيان تخاف منه حينما كانت تراوده نوبات الغضب وتتمنى ان تهرب بعيدا عنه لكنها تدرك كم انه مرعوب وان عليها ان تحميه ... حتى اتى اليوم الذى اكتشف فيه ادم ان الفتاة الجميلة التى احبها تحب شخصا غيره فقرر ان يهرب بعيدا ولكن بأقصر الاساليب الا وهو الهروب من الحياة بأكملها واكتشفوا جثته صباح اليوم التالى وقد شنق نفسه ...
قصة غاية فى الجمال ومليئة بالمشاعر الانسانية النبيلة ولكن اكثر ما اثار انتباهى واستحوذ على تفكيرى ان ذانك الجد والجدة اللذان لم يدخرا وسعا فى القسوة على ابنهما واخفائه عن العالم ومحاولة الظهور كعائلة مثالية خالية من العيوب ... بعد ان توفى ولدهما انكسر ذلك الزجاج الهش من الغرور والكبرياء واخذا يبكيان عليه ولا يغادرا غرفته الا بعد فترات طويلة ... كل صورة وكل شىء كان يملكه ادم وكانا يرونه تافها غبيا أصبحا الان يحتضناه ويحرصا عليه مخافة الا يضيع من ايديهما كما ضاع منهما ابنهما ... وجدت نفسى اتسائل لما لا نشعر بمن نحب الا عندما نفقده ... لما نحرمه من حبنا له وعطفنا عليه ومشاركته اسعد اوقاتنا قبل ان يأتى اليوم الذى نظل نبكيه فيه الما وندما ... ان هذا السؤال طالما سألناه انفسنا وتعجبنا منه ولكن طالما عجزنا عن الاجابة عنه او الاعتبار به ... تمضى بنا الحياة ونكبت بداخلنا ما نشعره من افتقاد وحنين لأقرب الناس الينا ونتظاهر ان ذلك لا يعيننا ... الى ان يأتى اليوم الذى تنهمر دموعنا حسرة على كل لحظة قضيناها بعيدا عنهم وكل مرة كنا على وشك ان نخبرهم كم هم غاليين علينا فانعقد لساننا عاجزا عن البوح بما فى نفوسنا ... ان الانسان لأمره عجيب ... يظل يبحث عن الحب والسلام بينما هو يفعل كل ما فى وسعه كى يفقدهم ... يدرك قيمة الاشياء حينما تقع من يديه الى حيث لا رجعة ...
نعم ان قطار الحياة سريع ويجب ان نركض بهمة كى نلحق به ...
ولكن ربما لعجلتنا وطموحنا لا ننتبه الى ان محطة السعادة التى نبحث عنها ...
قد جاءت وفاتت منذ زمن بعيد ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق