قرأت ذات مرة ان عمر الروح لا علاقة له بالجسد .. هى لا تتأثر بالزمن لأنها لو كانت كذلك لما شعرت بمرور الدقائق والثوانى .. لكانت قد قفزت مع كل دقة ساعة ولما فهمت ان العمر يمر ولما نظرت بحكمة لماضيها وحاضرها وغدها .. انك كى تدرك شىء لابد ان تكون خارج حدوده .. لابد ان تقف منه موقف المشاهد وان تكون خارج نطاقه كمن يدرس القمر ويراقب طوره لابد ان يكون خارجه ..وهذا يعنى ان ارواحنا لا تشيخ ابدا وان ذلك الشعور بتأكل النفوس كلما تقدم العمر هو شعور مزيف فلم يكن الجسد ابدا بمن يحدد للروح كيف تكون ... الجسد فقط وعاء للروح ولذلك هى لا تفنى حينما يفنى الجسد بل تنتقل إلى حالة اخرى عند الموت .. قرأت تلك الكلمات فى كتاب مصطفى محمود (رحلتى من الشك إلى الايمان) والحق ان تلك الكلمات زادتنى يقينا بما أؤمن به بالفعل .. ان الارواح لا تهرم وإن كان هناك من يتخير السكون فقد فعل ذلك بنفسه لا بمرور الأيام .. بل ان الجسد هو من يمرض ويتعب لو تعبت الروح وليس العكس .. وبالتالى فالأولى ان ننظر إليها ونعنى بها ونجد فيها ذواتنا وسعادتنا .. وما يجعلنى اؤمن ايضا بدوامها ونورها هى انها قبس من روح الله (ونفخت فيه من روحى) ..يعنى ان كل واحد منا بالفعل فيه نفخة من خالقه عز وجل .. فأى نعمة واى حمد لك يارب العالمين ان خلقتنى وسويتنى من العدم وجعلت بداخلى سرك ..
احيانا انظر للعمر واحزن .. كم تبقى لى من الدنيا وكيف فات ما مضى .. لكنى حينما افكر اننا فى كل تلك الرحلة ذاهبون لرب العالمين .. الاختلاف فقط اننا ونحن احياء نملك الاختيار والتغيير والارادة ونحن اموات فقدناه .. لا احزن لأن الحياة تمضى فهى تقربنى من مقابلة خالقى لكن افكر واهتم حقا بما سأفعله لتلك المقابلة .. وهو اخبرنى انه فى اى لحظة يمكنك ان تعود وسيغفر لك فإذا لاشىء ايأس منه بالفعل .. لقد مررت بكثير من التجارب فى الحياة والحروب والرغبة فى اثبات الذات وفى كل مرة اخرج منها برسالة واحدة ..ما فائدة كل ذلك إن كان سيمحيه الزمن .. لا اقصد ان الجهد والتعب لا قيمة له لكن الحزن والغم والقلق .. الفارق هنا انك تدخل معركة الحياة بروح مختلفة .. كل شىء تفعله تتعبد وتحمد به وكل علم تعرفه يزيدك معرفة بخالقك وادراكا لقدرته وعظمته .. لم يعد الامر غير مجدى ولم تعد تتسائل عن قيمته لأنك تعلم جيدا ان علة وجودك فى الحياة فقط كى (تعبده) بكل ما تحمل تلك الكلمة من طاعة وعلم ونفع وتشبث به ..
(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
0 التعليقات:
إرسال تعليق