"انت عارف لما كان ابويا يحب يقنعنى كان بيعمل ايه ... كان بيجيبك انت ...عشان عارف كويس انك تقدر تقنعنى بحاجة وفى نفس الوقت تقدر تقنعنى بعكسها"
جملة استوقفتنى كثيرا فى مشهد الضابط الصغير وهو يلوم قدوته الضابط الكبير فى فيلم "الجزيرة" ... كيف انه استغل حبه واحترامه كى يزور الحقائق ويجعل خيانة الوطن لها مبرراتها بل ويجب ان يتقلد النياشين لأنه ما فعله كان "من اجل مصر" ... عجبت كيف ان هدف نبيل مثل هذا يمكن ان يتنكر فى عدة اشكال كلا منهم يدعى انه على حق ... كيف يمكننى ان اقنعك بشىء ما عندما اريد ذلك واقنعك بعكسه اذا صادف هوى فى نفسى ... اذا كان الأمر هكذا فأين الحقيقة... اين الصواب والخطأ ...بالتأكيد احد الرأيين سيؤدى الى مصلحة ما اكثر من الأخر فمن سأصدق وكلا منهما له دلائلة وبراهينه ؟!!! ... اسئلة كثيرة دارت فى رأسى وبعدما استحكمت حلقاتها فرجت واستخلصت منها الأتى :
لن اتكلم عن الحق والباطل ... فالحق واحد لا يتعدد بينما الباطل اوجهه كثيرة يمكن لأى شخص معسول الكلام ان يغرى شخصا اخرق بحلو لسانه ... بينما لو جلس مع انسان ذو علم بكلمة واحدة منه سيدحض ذلك الباطل ويواريه التراب ... فأن الفيصل هنا هو العلم وليس ان كلاهما صحيح ... ولكن سأتحدث عن الأمور التى نقول عنها بلسان العامة " تحتمل الصواب والخطأ" ... مثلا انت لا تحب مهنتك كثيرا ... تكاد لا تشعر بأى تميز فيها ... وددت لو جربت شيئا اخر تعشقه حتى لو يحمل المجازفة والخطر ... تجد من يخبرك بكل حكمة "حب ما تعمل ... كى تعمل ما تحب" ... وان " ليس كل من وجد على وجه الارض يحب عمله ولكنها الحياة لها اولوياتها التى لابد من اخذها فى الأعتبار" ... وبعدما كال لك الدلائل ولطم وجهك بالبراهين واشعرك ان ما كنت ستقدم عليه هو حماقة العمر كله ... تستيقظ اليوم التالى لتجد من يهمس بأذنك "اتبع حلمك ولا تتخلى عنه ابدا" ... "الحياة قصيرة فعشها سعيدا ولا تضيعها فى فعل ما لا تحب "... تجد نفسك قد اصبحت فريسة بعدما كنت صاحب قرار ... كلاهما صحيح وله براهينه التى لا شك فيها لكنك تود لو تنتزع شعر رأسك من حيرتك وبلبلة افكارك ... اتدرى ماذا تفعل حينها ... اخفض نظرك قليلا ... نعم انت تعرف الى اين جيدا ... الى قلبك
من مسلمات الحياة التى اؤمن بها ان هذا القلب الذى اوجده الله فى الأنسان ليس فقط من اجل ان يدق معلنا استمرار الحياة انما هو بشكل ما دليلنا الى ما نحب ونكره فى الحياة ... هو مركز قوتنا وابداعنا بعد امر الله ولا يجوز ان نهمله ونسد اذاننا عنه كلما اراد ان يتحدث الينا ... والا فما معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (فيما معناه) : " استفت قلبك ولو أفتاك الناس" ... هل لو كان القلب غبيا لا يكاد يتخذ قرارا صائبا لنصحنا عليه الصلاة والسلام بهذا ... انما هو الفيصل فيما ترددت به نفوسنا طالما اننا اخذنا بالأسباب وسعينا بالسؤال واستخارة ربنا فيما نحن مقدمين عليه ... عندما نشعر بأرتياحنا لأمر ما بعدما سلمنا عقولنا الشفرة واكد لنا الا ضرر منها فقد ان اوان قلوبنا ان تتخذ قرارها ... لو سمعت هذا الصوت "ستحب ما انت مقدم عليه" , ستعيش حياتك كلها سعيدا لو اصررت عليه" ... تأكد ان قلبك مؤمن بذلك ... اما لو سمعت "لا , يجب ان تنتبه لأولادك ومستقبلهم ... ان حياتك ليس انت فقط بل تحمل هولاء المساكين على ذات المركب" ... تأكد ان قلبك يتحدث اليك بصوت ملتاع ... عندها ستجد ان اتخاذ القرار اصبح اسهل مما تتصور...
لقد قرأت كتابا لدكتور عظيم يدعى بول ماكينا ... اسم الكتاب هو " استطيع ان اجعلك نحيلة " ... كان يتكلم عن ان كل الأنظمة الغذائية المسماة بـ(الدايت) ما هى الا وسيلة سريعة للأحباط واكتساب المزيد من الوزن ... لأنها ببساطة تتصارع مع جسم الانسان ولا تتفق معه ... كانت نصائحه بكل بساطة ... انصت الى جسدك جيدا ... استمع اليه عندما يخبرك بأنه جائع ... وصدقه عندما ينبئك انه شبع ...
كذلك الحال مع قلوبنا ...
فلنعقد الهدنة معها ... ولنسمعها جيدا وننصت اليها ...
ولنقنع انفسنا بـــــ ....
لعلها تكون صادقة هذه المرة ....
0 التعليقات:
إرسال تعليق