شاهدت فيلم (بنتين من مصر) لأول مرة والحق انه اعجبنى
للغاية ولم ارى منذ فترة طويلة فيلم مصرى يحكى عن تلك البلد بذلك الصدق ... الناظر
للفيلم للوهلة الأولى يجده يحكى عن فتاتين بلغتا الثلاثين من العمر دون زواج
وتبحثان عن اى فرصة (شريفة) للتعلق بظل رجل قبل فوات الأوان ... لكن النظرة الأوسع انه يحكى عن الشباب
المصرى الذى فقد الأمل فى اى شىء فى تلك البلد والذى يتمثل فى قول ابن خالة الفتاة
لها وهو يهاجر (ادعيلى ربنا ما يرجعنى البلد دى تانى) ... وصودف فى ذات الوقت ان
قرأت كتابا لجلال أمين يحلل فيه شباب ذلك الجيل (انه برغم تقدم التكنولجيا
والوسائل الأخرى التى تجعل الحياة اكثر راحة واثارة الا انه يرى الشباب اكثر حزنا
وتشاؤما من الحياة وخوفا من المستقبل من الاجيال الماضية) ...
شىء مؤلم
للغاية ان الشباب يرى غده مظلم وانه فى بداية الطريق يفقد ثقته فى قدرته على تغيير
مجتمعه ويرى نفسه مجرد بائس اخر يحاول اللحاق بقطار الحياة بلا أى أمل ...
شىء مؤلم ان تشعر بعجزك عن رفع
الظلم والفساد وتحمل مسئولية اخلاقية تجاه الفقراء والغلابة والمظلومين وتجاه نفسك
واحلامك لأنك حاسس ان لا شىء يجدى وان مجهودك الفردى الصغير لن يفلح فى تغيير اى
شىء ... سهل جدا ان نقول لأنفسنا هذا الكلام ونتداوله ونتواصى به .. ان نظل يائسين
مستسلمين ونخرج فنا جميلا حزينا يحكى عن بؤسنا وشقائنا فى تلك الحياة كى نربت على
أنفسنا ونخبرها بأن لا شىء بيدها تفعله .. لكننى لا اؤمن بذلك الهراء ولا اريد تلك
الحياة وطالما ان الله عز وجل وضعنى فى تلك الدنيا فأنا املك مقدرة تامة على
اختيار وتحديد مصيرى بل وتغيير نفسى وبلدى والعالم كله اذا اردت ذلك بأذن الله ...
نعم اشعر بالحزن الشديد على حالنا وكلما مشيت بين الناس زاد احساسى بظلام ما نحن
فيه لكن يزداد اكثر شعورى بأنى لابد ان امسك نورا ما .. أملا ما ... طالما لازلت
على قيد الحياة فهنالك فرصة اخرى ... الله عز وجل وضع فينا الشباب اى الصحة
والقدرة والحماس والعقل الصحيح ... هولاء الفسدة واللصوص والمتجبرون قد يسرقوا منا
كل شىء الا احلامنا وشبابنا والأمل بداخلنا
اللهم الا اذا اعطيناه طواعية.. ان القوة ليست فى العقل والنفوذ والسلطة بل
فى قوة النفس وارادتها وشعورها بأن ضعف من حولها لا يجعلها تشعر بالضعف مثلهم بل
بالرثاء لحالهم واصرارها على تغيير وضعهم القائم مهما بلغ فساده وظلامه ... نحن
نحتاج الى حلم ... ليس فقط حلما فرديا خاصا يتعلق بمزيد من الرفاهية او المال او
السمعة بل حلم ينير الظلام فى قلوب الناس ويذهبه ... حلم اكبر من ان يستطيعوا
تكبيله وخنقه ... هم قادرون عليك فقط حينما تكون مشتت ولا تصدق داخلك ولا تصدق انك
فى تلك الحياة كى تغير العالم ... اهزمهم بحلمك وايمانك بالله عز وجل والقبس من
روحه الذى بداخلك ... صدقنى ان اكثر شىء تعلمته فى تلك الحياة ان لا مجهود يذهب
سدى ولا ارادة مخلصة وعزم صادق الا ويوفقه الله عز وجل ويفتح له السبل من حيث لا
تدرى ولا تحتسب ... هذا هو ما يجب ان تؤمن به واذا ما رأيت الخوف والخيبة فى عيون
الناس ...
اشفق عليهم وارثى لحالهم ...
لكن لا تغادرهم والا وقد تركت قبس نور بداخلهم تعينهم
وهم يقاومون اليأس فى نفوسهم ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق