الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

الألحاح مفتاح النجاح


عندما كنت صغيرة كنت احب كثيرا قصص ميكى وبطوط وكذلك أخى ... وكانت بطبيعة الحال تؤثر فينا بشكل أو بأخر .. وأذكر بالذات قصة علقت فى ذهنى ليس بسبب جودتها او خفة ظلها بقدر المواقف التى نتجت عنها ... كانت قصة لبطل الكوارث "فرفور" .... ربما لا أذكرها تماما الأن .... لكن أذكر انه بعد ان قرأتها أنا وأخى وجدته بعدها بفترة عندما يطلب من أبى أو أمى شيئا يلح ... ويلح كثيرا رغم انه ليست بعادته ... وعندما سألناه ما سر هذا التحول العجيب ... كان يعرف أصبعه فى الهواء كمن يعلن عن حقيقة أن الأرض كروية أو أن الأسبوع سبع أيام ويقول بكل ثقة " الألحاح مفتاح النجاح" وتذكرت بعدها ان تلك الجملة كانت أسم القصة التى قرأنها ولكن يبدو انها أثرت عليه بزيادة بعض الشىء .... والعجيب ان هذا المبدأ رغم سخافته أثبت أنه على حق الى حد كبير... فعندما يصل الأمر الى ان يقضى طفلك 7 أيام فى الأسبوع , 24 ساعة فى اليوم يخبرك عن مدى حبه لتلك اللعبة وكم انها رائعة فستتخذ قرارك اما ان تفجر جميع محلات الألعاب فى العالم ( وهو حل ليس بيديك) واما ان تلقى بأبنك من أعلى جبل المقطم ( وهو حل بيديك ولكنك تدخره لأشياء اكبر من ذلك ) واما والأسهل ان تستسلم وتقتنع و تشتريها كى تريح دماغك

كنت قد شاهدت على قناة العربية ذات يوم برنامج وثائقى بعنوان " تلميذة من الخليل" .... يحكى عن فتاة فلسطينية تروى لنا قصة نشأتها وحياتها فى منطقة الخليل وكيف يعيشون مع الأسرائيلين يوما بيوم ... الحق ان الفيلم جذبنى للغاية خصوصا انه ليس كثيرا ما تعرض القنوات صورة حية للحياة اليومية فى فلسطين وكيف يتعايش الشعبان على أرض واحدة .... المهم كانت من ضمن اللقطات التى شاهدتها مشهد مجموعة من اليهود يسيرون فى الشوراع ويحتفلون بشىء( لا اذكر ما هو ) ويلبسون قبعات وكهنتهم يشاركون معهم ... بصرف النظر عن ماذا يفعلون ... لكن ما جذبنى هو انهم اخذوا يقولون بشكل متكرر " المسيح قادم ... المسيح قادم ... سيأتى ليخلصنا ويجعل فلسطين أرضا لليهود " ... رأيت كاهنا يهوديا يقول " ان هذه الأرض هى أرض يهودية ... أننا سنبقى ولن نرحل " ... وكلام فارغ من هذا القبيل ... أخذت أفكر ... ان اليهود اذكى مما نتخيل ... ان سياستهم تتخلص فى كلمة قالها فرفور منذ زمن ... أن " الألحاح مفتاح النجاح" ... الحوا على الناس ان هذه الأرض أرضكم ... وان هذا حقكم ... ذكروهم من وقت لأخر بالمحرقة والعذاب الذى تعرضتم له حتى لا ينسوا ... أذكروا ذلك فى كل مكان ... فى كل محفل دولى ... فى كل تصريح ... حتى لو سئموا ذلك .... قولوا للعالم اننا سنبقى ولن نرحل حتى يعلموا انه الواقع الذى لا مناص منه ... عندها فقط سيؤمنوا بذلك ... وللأسف هذا ما حدث

أثبت التاريخ ان حرب العقول أشد فتكا وأقوى تدميرا للشعوب من حرب الدبابات والرشاشات وملايين القنابل ... أنك عندما تجعل عملاقا يؤمن انه فأرا أفضل بكثير من ان تعد الحشود والعدد لتقضى عليه ...

عندها لن يكون عليك الا ان تطلق طلقة فى الهواء فتجعله يجرى الى جحر الفئران ليختبىء بداخله ...

فقط بأن تعطيه كل يوم .....

قطعة جبن شهية مكتوب عليها " للفئران فقط " ....




الجمعة، 6 نوفمبر 2009

مع المفتش كرومبو





قرأت ذات يوم قصة للكاتبة الأنجليزية " أجاثا كريستى " تدعى "مقتل روجر أكرويد " ... الحق أن لها أسلوبا مثيرا للغاية فى رواياتها فأحداث القصة تظل غامضة مبهمة الى أن يتضح كل شىء فى نهايتها وينكشف مفتاح الجريمة والقاتل بشكل غير متوقع تماما ... المهم أنه من عاداتها أيضا (وفى هذه القصة بالذات ) أن تذكر وقت الجريمة ووقت الأحداث التى وقعت قبلها وبعدها بمنتهى الدقة ... فالساعة السادسة تختلف عن الساعة السادسة والثلث والرابعة الا خمس تختلف عن الرابعة ... الحق أن هذا أكثر ما ضايقنى طوال فترة قراءة الرواية ... ماالذى سيحدث يعنى فى خلال هذا الوقت ولما هى مصرة أن تزعج القارىء بتلك التفاصيل غير المهمة ... المهم حاولت أن أتغاضى عن ذلك وأكملها الى نهايتها فالزبد كله هناك ... وصلت للنهاية أخيرا ... القاتل كعادة المبدعة أجاثا كريستى لا يخطر على بالك أطلاقا ... ولكن ليس هذا ما يهم ... فالأعجب أن مفتاح حل اللغز وكشفه كان يتخلص فى تلك الجملة التى ذكرها القاتل للمخبر السرى (هيركيول بوارو) دون أن يدرى أنها ستكون أحد أهم الأسباب لكشفه ... " لقد خرجت من غرفة القتيل الساعة التاسعة الا عشر ووصلت لباب حديقة المنزل الساعة التاسعة " .... وهو لا يدرى أن الوصول لباب حديقة المنزل لا يستغرق الا خمس دقائق فماذا كان يفعل الخمس دقائق الباقية !!!


حسنا ... نحن الأن فى مصر ... بلد معبد أبو سمبل وأكتشاف تعامد الشمس على وجه رمسيس كل عامين وتحديدا فى 22 أكتوبر و23 فبراير ..... وبدلا من هيركيو بوارو يوجد مخبرنا العظيم الفذ ( كرومبو ) ... وحدثت تلك الجريمة ... يا ترى ما تحليله لواقع الأحداث سألنا سنية برعى قالتلنا : أنا دخلت علي القتيل فى مكتبه الساعة خامسة أو يمكن سابعة مش فاكرة ... أووف هو أنا يعنى هأقطع نفسى عشان أفتكر ... المهم دخلت عليه لقيته لسه بيقرأ ... سألنا عبده بلاتيشو قالنا : هو انا جبتلهم اللبن النهاردة الساعة 2 ظهرا على بال ما صحيت من النوم ... أنا بأقول 2 عشان لقيت العيال خارجين من المدارس قلت تلاقيها الساعة 2 (سيبك أنت من دقة ساعة بلاتيشو ) وبعدين خدالى كلمتان من سعادة البيه القتيل بس عموما هو كان على الساعة 2 لسه فيه الروح ... أما بالنسبة للقاتل الحقيقى وعندما قال نفس الجملة فأن كرومبو أعتبرها شىء طبيعى وعادى ويمكن أساسا لم تلفت أنتباهه... المهم توصل مفتشنا العظيم أن القتيل كان على قيد الحياة من الساعة 2 ظهرا وحتى ( خامسة أو سابعة أوووف أنا مش فاكرة ) أما باقى الأقوال فلا تحمل أى أهمية ... وهاااه أنا عرفت الحل ... عرفتم أنتو كمان ... يالا أتصل بينا على ........


بصرف النظر هو عرف الحل منين اذا كان اساسا مش متأكد أمتى أتقتل ... ولكن يتضح من تلك الرواية نقطة هامة للغاية الا وهى " أحساسنا المعدوم بالزمن " .... الدقيقة فى ساعتنا ليس لها أى داعى ونتمنى لو نستطيع ان نزيل ذلك العقرب الذى لا قيمة له منها (ده حتى بيلدغ على رأى سنية برعى) .... ونظرا لأننا لا نهتم كثيرا بالتوافه التى تدعى الدقائق فأن حديثنا يكون بالساعات ... معادنا الساعة 9 ويمكن أتأخر دقيقتين كده ولا حاجة ( الترجمة بالمصرى " ساعتين" ) ... بلاش كرومبو .... أكمل الفراغ الأتى ... مين دايما الطائرة اللى بيطلع الأستعلامات ويقول " عفوا لقد تأخر أقلاع الطائرة ...... ساعة نظرا لأعطال فنية " .... بالضبط أجابة صحيحة ... الطائرة المصرية ... معاد فى رمسيس الساعة الخامسة ... وصلت الساعة الخامسة تماما ( معلش جت غلط المرة الجاية مش هأكررها ) أخذت تنتظر ... الموضوع قلب معاك الى عد العربات الصفراء والحمراء فى الشارع ... بدأ يتطور الى عد أصابع اليد والتأكد من أنهم عشرة ولم يزيدوا واحدا ... وقبل أن تهم بخلع حذائك للبدء فى عد أصابع القدم تجد من تنتظره يقف أمامك يقول لك " معلش يا محمد أنت عارف الطريق " !!!!! ... وأمثلة كثيرة من هذا النوع تحتاج الى مجلدت لحصرها تخبرنا عن سبب وجود أسمنا فى قائمة دول العالم الثالث بقلم لا يُمسح ...


هى أزمة مجتمع بأكمله ... مجتمع سبقه الأخرون بأزمان كثيرة فلم يعد يفرق معه حساب الأيام والسنين .... مجتمع يجد شيئا عاديا ان يحضر بعد ميعاد عمله بساعة ولكن لا يسمح أبدا أن يتبرع بدقيقة زائدة بعد أنتهائه .... المواعيد عنده يعطيها ببلاش وهو ينتقى منها ما يراه مهما وفى الوقت الذى يناسبه .... الأعتذار فى أخر لحظة وكأن أوقات الناس ليست بأهمية وقته .... مجتمع كهذا ماذا ستعنى عشر دقائق (هى وقت أرتكاب جريمة بأكلمها وأكتشاف اليورانيوم وولادة مولود جديد الى الحياة ووووو ) بالنسبة له ...
الحل لا يمكن فى ساعة نضعها فى أيدينا ننظر اليها من وقت لأخر ...

بل فى تقدرينا لكنز أدرك الاخرون منذ وقت طويل قيمته وثمنوه جيدا ....

ربما عندها فقط ....

تختفى سنية برعى وعبده بلاتيشو .....

وعندها يستطيع كرومبو أن يباشر عمله ...

الخميس، 18 يونيو 2009

أعلان قيام سيمونو وبطة





لا يستطيع أن يدعى أحد ان حياته كلها كانت هادئة ... دون أحداث عجيبة أو مغامرات خيالية .... دون أن يقابل أو يشاهد أو يسمع أشياء جعلت حاجباه لم يعودوا من قبل كما كانوا ... لكننا دائما ما نبقيها فى أعماق ذاكرتنا ونكتفى بتذكرها من وقت لأخر كى نسرى عن أنفسنا ونضحك عندما تخطر على بالنا ... قليلون هم من قرر أن يسردها بل ويدونها كتجارب تعلم منها الكثير وأراد يشاركها مع الناس ... والحقيقة لم أجد داعيا الى ان تبقى تلك الاحداث فى ذاكرتى حبيسة كل هذا الوقت دون طعام أو شراب .... فقررت أن أكون من هولاء

سأحكى لكم بأذن الله سلسلة مغامرات مررت بها فى حياتى .. منذ متى ... لا أدرى ... نجعلها منذ الصغر ؟ ... ربما لأن أكثر المغامرات أمتاعا وخطورة ما كانت فى الطفولة حيث يستريح العقل قليلا أستعدادا لتلك المهمة الشاقة حينما نكبر ونبدأ فى تحمل المسئولية ... حسنا نجعلها منذ الطفولة

مغامرة 1 : أقامة الدولتان سيمونو وبطة



كنت أنا وأخى متقاربان فى السن .... فهو أكبر منى بسنة ونصف .... كان أهدأ منى كثيرا فقد كنت بالمقارنة به قنبلة موقوتة ( لا أتذكر ذلك كثيرا أقاربى هم من يقولون لى ذلك .... اذكر فقط بعض الأجهزة المدمرة والأطباق المكسرة والدواليب المخلعة ....لكن أعتقد أنه لا يشبه كثيرا تأثير القنبلة ) .... كان يحب الأختراعات ولا يهدأ له بال الا اذا أمسك كل جهاز فى البيت وفكه حتى يخرج بكنزه الثمين ( الموتور ) (نفسى أعرف ايه كان سر أعجابه الشديد بيه ) ... بينما كنت أميل الى القراءة أكثر وأقضى ساعات وربما أيام أنتهى من هذا الكتاب أو ذاك من مجموعة القصص التى أستعريها من المكتبة ... والحق أن أبى كان قدوتى فى ذلك ... كان يحرص (الى الأن ) أن يذهب الى المكتبة صباح كل جمعة وأن تذهب العائلة كلها معه .... ومن ثم بعد ذلك نذهب الى النادى أو أى مكان اخر ... جعلنى أحب جوها ومنظر الكتب وغرفة الأنشطة والحديقة والرحلات التى كانت تقوم بها المكتبة من وقت لأخر ... أذكر أنهم فى غرفة الأنشطة جاء وفد من الصين وقام بتعليمنا بعض اللعب المعمولة من الورق ...وأعطونا كتاب ضخم لا أفقه فيه شيئا عن الصين وحضارتها ... أذكر أننى كنت أجد متابعة ما يفعله الرجل صعبة للغاية ... فجاءت البنت المساعدة ووقفت بجانبى وعملت كل الاشكال التى كان يصنعها الرجل ... كانت أكثر من رائعة ... والغريبة أنها ظلت تبتسم لى طوال الوقت وتعاملنى بغاية الرقة رغم فشلى التام فى صنع أى لعبة ... كانت تأخذ محاولتى الفاشلة وتعيد تركيبها بصبرشديد .... لدرجة ان ولدان أمامى فى سنى تقريبا كانت أعينهم تنطق بالموت الزوءام أذكر أيضا فى غرفة الانشطة ( دى لوحدها فيها حكايات ) كان هناك وفد يقوم بتعليمنا القص واللزق وأزاى نعمل بهم أشكال ... كانوا قد أعطونا ورقتان رئيسيتان وبعض الادوات ... لم أكن قد جربت ذلك من قبل ... وبعدها خطر على بالى أن أرسم أنسان أعضاء جسمه مختلفة ... يعنى أنفه مثلت وعينيه مدورة وجسمه مربع وهكذا .... شعرت انها فكرة حمقاء لكنى أكملتها ,..وقمت فى الورقة الاخرى بقصها على شكل وجه قطة لها شوارب ... كنت سعيدة بالصورة الثانية أكثر ... وسلمت الورقتان ورحلت .... بعد أيام ذهبت الى المكتبة مرة اخرى فوجدتهم قد أقاموا معرض بأفضل الصور التى قام بها الأطفال فى اليوم أياه ... وفوجئت بالصورة التى تحمل الانسان الألى معلقة فى المعرض ... فوجدتنى رغما عنى أنظر أليها بشكل مختلف ... وتعلمت درسا ان ليس كل ما تجده احمق يكون بالضرورة أحمق .... أمهله الفرصة كى يفصح عن نفسه ...



قمنا برحلات كثيرة .... الى القلعة والمتحف المصرى وبانورما مصر والقرية الفرعونية ... فى القرية الفرعونية كان يوجد ممثلين يقومون بتمثيل أنهم من الفراعنة ... وكان هناك واحد يمثل أنه من المصريين القدماء يجلس امام بيته وأمامه طبق العنب ... كان السياح ينظرون الى ذلك بكل أحترام ... بينما عندما دخلنا نحن لم تكف التعليقات السمجة عن الأنطلاق من عينة .... هو ده عنب حقيقى ولا صناعى ... ممكن الطرطور ... أمال فين المدام و العيال ... لدرجة ان الرجل لم يتمالك نفسه الا ان ضحك .... بس الحقيقة لم أكن أحب الجو الفرعونى بقدر ما احببت جو القلعة بمساجدها وزخارفها والاحساس الغريب الذى تشعره عندما تدخلها وأيضا بانورما مصر بأبطالها وقصة الحرب وأنتصارنا ... دائما ما أشعر ان حضارة الفراعنة حضارة أنانية لم تعطى الكثير مثلما أعطت الحضارة الاسلامية ... نعم عظيمة وكبيرة لكنها لم تنفع احدا غيرهم ... والدليل ان حجر رشيد لم تفك الغازه الا بعدها بالالاف السنين والى الأن هناك أسرار كثيرة عنهم لا تعلم عنها شيئا ... الامر الذى لا تجده تماما فى الاسلامية والتى أعطت كل الخير والعلم والادب للبشرية دون أن تجد غضاضة فى ذلك ....



أعود ثانية الى قصتى أنا وأخى ... فعلاقتنا كانت غريبة للغاية ... رغم تباين أهتمامتنا وأفكارنا ... فقد كنت أقلده فى كل شىء فلم يكن لى أخا غيره لعدة سنوات ... أذهب معه الى كل مكان وألعب كما يلعب حتى لو لم أحب ذلك كثيرا ... كان لكل منا مكتب ودولاب وسرير ... ذات يوم وجدت أخى قد أعلن قيام دولة ( سيمونو ) والتى تتكون من : سريره ومكتبه ودلاوبه ... لم أتحمس للفكرة كثيرا فى البداية لكن فكرة شن الحرب على ممتلكاتى وسلبها اذا لم أقم ببناء دولة مناظرة أزال التردد تماما ...



أقمت دولة مناظرة من سريرى ومكتبى ودولابى أيضا وأسميتها ( بطة ) ... لماذا ؟؟؟ ... لماذا ماذا ؟؟ ... لماذا أسميتها ذلك الأسم ... لا أدرى ... هو الذى خطر على بالى حينها ... ربما لأنى أيضا وقتها كنت أدمن قصص بطوط ... المهم ... أخذ كلا منا فى الأهتمام بمملكته ويعنى بها أشد العناية ... كنا نعلق لوحات لميكى وبطوط ونعلق زينة ... وكثيرا ما كنا نتفاوض على الحدود المقامة بين الدولتين مخدتك داخلة فى حدودى ... حسنا الا تلاحظ أن حذائك فوق أرضى .... وهكذا ... ولأن اخى ولد والأولاد فى هذا السن يمليون الى الشجار والهزار العنيف فقد رأيت منه الكثير ... فكان من وقت لأخر يعلن الحرب على ( بطة ) ... وأفاجأ بسيل من القذائف المكونة من الشباشب والاحذية تنهال على دولتى ويتخذ من الكرسى ستارا ... ولكن للحق كان يعلن قبلها أنه على وشك الحرب ولم يكن على غفلة ... ثم بعد ذلك تأتى القذيفة الثقيلة من أمى ان نرجع كل حاجة الى مكانها والااااا ...........

أستمرت الدولتان عدة سنوات ... ثم أنهارتا .,.. الحقيقة لا أذكر الى اليوم لماذا ولا متى .... فجأة وجدنا أنفسنا مللنا الفكرة .... ثم عادت الدولتان الى أصلها الذى دخلت به البيت أول مرة ... مكتب وسرير ودلاوب



حسنا .... أعتقد أن هذا يكفى لليوم .... فأقامة دولتان يأخذ فى الواقع عشرات السنين ... فكيف أتحدث عن أى شىء بعدهم ... نعود بأذن الله المرة القادمة كى نتحدث عن ( مصيدة الأصدقاء – أرجوحة كبيرة )

الأربعاء، 17 يونيو 2009

قطعة الكعك


ذات يوم كنت جالسة فى أحدى المحاضرات التى تعتبر كلمة مملة وصف غير دقيق لها ... ربما يناسبها أكثر رهيبة...أنظر يمنة ويسرة علنى أجد ما يذهب بعضا من كم الملل الذى يجتاحنى ... كلمات من عينة داتا ويرهاوس وديسكفر وأضغط على براوسر وضع الفايل فى البارتشن الذى تريده ... وكأنه لا يوجد ما هو أصعب من ذلك ... وفى وسط هذا البحر من المرح كانت تجلس الى جوارى صديقة عزيزة لى يبدو أنها كانت تعانى من ذات حالة المرح التى كنت فيها ... نظرت الى وكأنها فهمت ما أحتاجه ففتحت الكمبيوتر الخاص بها كى ترينى بعضا من أفلام الفلاش التى تملكها

فى البداية تابعت معها فقط لأقتل الملل .... فتحت فيلما يحكى قصة عن شخص غرقت سفينته ذات يوم ..وأخذ يسبح الى أن وصل الى جزيرة فى وسط البحر وجد نفسه وحيدا فيها ... أستسلم للأمر الواقع وبدأ يبنى كوخا يؤويه من البرد والمطر ... وأخذ يخرج كل يوم من كوخه يجمع ما يجده من الطعام والشراب ... وعاش هكذا فترة من الزمن ...وذات يوم خرج من كوخه كعادته وبينما هو عائد اذ وجد نارا هائلة تضطرم واذا بكوخه والنار تأكل كل ما فيه وما حوله ... وجرى أليه كالمذعور يحاول ان يطفىء اى شىء ولسان حاله يقوم : لماذا يا رب ... لماذا يا رب ... وبعد ان أحترق كل شىء جلس يبكى على ما راح منه ولا يتوقف عن قول : لماذا فعلت بى ذلك يارب ... وبينما هو كذلك فوجىء بسفينة تتجه ناحية الجزيرة ... فى البداية لم يصدق عينيه ...بشر ... سفينة ... وطن ... جرى أليهم كما لم يجرى من قبل ... قلبه كان أن يطير من بين ضلوعه من الفرح ... نظر أليهم بذهول وهم يتجهون نحوه : أين أنتم من سنين ... وكيف عرفتم بأمرى بعد أن فقدت الأمل ان يأتى الى أحدهم ؟

فما كان ردهم الا أن قالوا : لقد كنا نسير فى وسط البحر ومررنا بهذه الجزيرة وكنا سنتجاوزها ...لكننا وجدنا دخانا يتصاعد منها فعدنا أدراجنا كى نرى من فيها على قيد الحياة

سبحان الله ... أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد

وبعد أن جذب الموضوع أنتباهى... أرتنى فيلما أخر وكانت حكايته

كانت هناك فتاة فى غاية الحزن والهم ... ذهبت الى امها وقالت لها : يا أمى اننى اليوم من أتعس الناس ... لقد رسبت فى مادة كذا ... وتركنى من احبه الى أعز صديقة لى ... أننى يا أمى فى غاية الحزن والشقاء

فما كانت الأم الا ان أخذت أبنتها فى احضانها وربتت على كتفها ونظرت الى عيناها الدامعاتان قائلة : ما رأيك أن أعد لك قطعة من الكعك الذى تحبينه ... أبتسمت الفتاة ... أن امى ذكية للغاية وتعرف ما يسعدنى دون حتى أن أتفوه بكلمة ...وأستسلمت ليد أمها وهى تقودها الى المطبخ

أخذت تراقب امها وهى تعد الكعك ... وبينما هى كذلك فوجئت بها تقول : خذى يا بنيتى أشربى هذا الكوب من البيض نظرت أليها بذهول :يا أمى بالله عليكى لست فى حالة تسمح لى بالمزاح ... فتركتها أمها ثم عادت أليها ... حسنا خذى هذا القدر من الدقيق لتأكليه ريثما أنتهى ... أمى ماذا جرى لك اليوم ... طيب حتى أشربى هذه القطرات من الزيت ...يبدو لى يا امى أنك يجب أن تستريحى قليلا فأنك تبدين منهكة

ضحكت الأم وقالت لها : حسنا ... أنك الأن رأيت أن شرب البيض وحده أو أكل الدقيق أو حتى شرب قطرات من الزيت شىء بشع لا يحتمل ... ما رأيك لو مزجنا كل تلك الأشياء معا؟؟؟ ... ماذا ستعطينا فى النهاية؟؟

أنها قطعة الكعك التى نحبها وطالما أشتهيناها منذ زمن


لا أدرى لماذا ذهب كل هذا الملل عنى ... لا أدرى لما شعرت بكل هذا الكم من السعادة والأمان أن هناك ربا فى السماء يحميك ويريد لك الخير ... فعلام نقلق اذا .... علام نحزن اذا ... قد تشعر فى يوم من الأيام (وكثيرا ما نشعر)أنك خائف ...وحيد ...أنك تفتقد ذلك الشعور بالأمان والسكينة ... وتنسى أن الله عز وجل هناك ... فى أعلى العليين يحميك ... وتنسى أنه أرحم بنا من امهاتنا اللاتى ولدتنا ...وان تلك الرحمة التى يراحم بها الخلائق والتى تحنو بها الأم على وليدها ( بكل هذا الحنان الذى تملكه ) لاتساوى الا رحمة واحدة من مائة رحمة خلقها الله عز وجل وادخر تسعة وتسعين الى يوم القيامة ... أنسأئله بعد ذلك : لماذا فعلت بى هذا يا رب ... أنقول لقد دعوت وفعلت لكن الله لم يعطينى ... أنقول بعد ذلك ان الدنيا (غابة) والظالم بيأكل المظلوم (و الدنيا فيها كام بلياتشو ) و ( أنا ما وصلتش لحاجة من اللى حلمت بيه ) ( وبس الأيام مش سايبنا فى حالنا) وغيره من الكلام الذى لا يليق بأنسان يؤمن بالله وبرحمته أن يقوله أو حتى يعتقد به ... انها ثقافة غيرنا وليس نحن ... أن ما نعتقد به حقا ( أن الله لا يضيع اجر من احسن عملا ) (ولا تيأسوا من روح الله أنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون) و(لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )

أننا فقط نحتاج أن نقول : رضيت بك يا رب ... رضيت بك يا رب

لقد كان ذلك اليوم من الأيام القليلة ...

التى أستطيع أن اكتبه فى ذاكرتى ....
أنه يوم مختلف

السبت، 21 مارس 2009

حكاية كلمة

كان جالسا مع صديق له يحاول ان يفهمه تلك المادة شديدة العناد على عقله ...أنها لا تريد ان تدخل بهدوء وتستقر كما تفعل أى مادة تحترم نفسها .... لابد لها من طقوس تدخل بها ... اولا الخدم والحشم .. ثانيا الوزراء والسفراء ... ثالثا رئيس الجمهورية ... رابعا ( هو لسه فى رابعا ) .... كل هذا كناية عن دخول سيادتها واحدة واحدة ... وأستمر الحال هكذا الى أن دخلت كلمة دخيلة .... ففى وسط ما كان هذا الصديق يشرح ... خرجت من فمه كلمة ( نأكسسها ) ( فى اللغة الانجليزيةaccess ) فطارت كالقنبلة الى أذن الاخر حتى أستقرت عند حافة أذنه


عند حافة الأذن : دخلت الكلمة فى حالة أنتفاش غير عادى بنفسها .... الى أن أستوقفها الحرس ونظروا أليها بريبة ... من أين أتيت .... أن لها سحنة عربية ولكنها ترتدى ملابس كاوبوى أمريكية ... فتشوها جيدا الى أن وجدوا مسدسات فى كلتا جيباها تنذر بالشر فتركوها تعبر سالمة .... دخلت وظلت تمشى فى دهاليز ذاك المسمى بالعقل .... ما هذا الفراغ ... أنها لا تجد سوى كورة تجرى تحت قدميها ومشاجرة هنا وهناك ورائحة دخان سجائر تملأ المكان... يبدو ان حياة هذا الشخص حافلة.... حسنا ومالها هى ... كل ما تبحث عنه هو قسم التراجم حيث يفكونها ويرسلوها الى المخ مباشرة وترتاح من هذا كله ... فهى فى النهاية مجرد كلمة .... وجدت غرفتان فقط ... الأولى مكتوب عليها " العربية " .... والثانية " الأنجيليزية " ...أمممم يبدو ان ثقافته مضمحلة للغاية ... أثرت أن تدخل الى الانجليزية أولا ... فقد شعرت أنها الأقرب أليها ... ما ان دخلت ... حتى قالوا لها " هيييه .. ألى أين أنتى ذاهبة ... أنك لا تشبيهنا على الأطلاق " ... كيف ذلك ؟ الا تروا ملابس الكاوبوى التى أرتديها ؟؟؟؟ ... وهل كل من أرتدى الكاوبوى امريكى ... أن كيانك لا يمت ألينا بصلة ... أنك حتى لا تحتوى على حروف a , bالتى هى أصل لغتنا .... "حسنا حسنا لا ترفعوا أصواتكم هكذا ... سأذهب الى حيث يرحبون بى جيدا "



أنطلقت الى غرفة " العربية" .... فتحتها ... فوجئت بفريق ضخم للغاية يكاد من كثرته أن يحطم باب الحجرة ... رغم انها ليست بنفس الرعاية التى تأخذها غرفة الأخرى ... الا أنها شعرت برائحة أصالة فى المكان لم تجده هناك ... سألت عن كل هذا العدد الضخم ... أجابها احدهم " ان ما نترجمه غنى للغاية ... ويوجد له أصول وأجداد كثيرون ...والمعانى أكثر من أن تعد ... لذا فهم يبذلون أقصى الجهد لفكها وفى ذات الوقت أبقائها على جمالها وأصالتها التى أتت به ... قالت :حسنا .. المهم ان تفكونى فقد مللت كثرة المشى والسعى دون هدف

جلست ... فحصها أحداهم ثم ما لبث أن رفع حاجبيه متعجبا ونادى أخر ... ونادى الأخر ثالث فرابع حتى أجتمع فى النهاية ما لا يقل عن 30 فردا يحاول كل منهم ان يقحصها ويفكها ... قال أحدهم :ربما لو أستخدمنا ذاك المفك نستطيع ان نرجعها الى " اسس " انه أقرب جد فيها من صفاته ... قال أخر: لا أظن ... لم أسمع ان حرف الكاف تزواج من تلك العائلة من قبل .... قال أخر : ربما هى من عائلة أكس وليس أسس ... يا سلام وما تلك العائلة يا فصيح ..... وهكذا طال الجدل ... وفى النهاية أخبروها انها كيان كلمة ولكن بلا أى جذور ولا جدود .... وأنها للأسف ليس لها سبيل للفك

وأن مكانها الحقيقى هو فى غياهب النسيان ....

هى والشعوب التى أرتضت على نفسها ان تقتل هويتها وكيانها ....

الأربعاء، 28 يناير 2009

توقيع : طفل من غزة



المشهد : غرفة صغيرة ... ستائرها بيضاء ... أجهزة صغيرة وكبيرة تتصل بذلك السرير الذى يقبع هناك فى جانب الغرفة .... يرقد عليه جسد صغير لايكاد يظهر من تحت الغطاء


هناك أناس تقف بجواره .... أنهم يذرفون الدموع رحمة وشفقة لما آل اليه حاله ولما فعله به وحوشا ضارية وليس بشرا .... ثم لا يلبثوا أن يستديروا خارجين يضربون أيديهم كفا بكف وهمسات تخرج من أفواههم "حسبى الله ونعم الوكيل "


لكن تعال نرجع مرة اخرى الى هذا السرير .... نكشف الغطاء عن هذا الجسد .... يا له من طفل صغير جميل ... ترى بماذا يشعر الأن وما هى قصته ؟


نقترب أكثر .... الى داخل عقله .... ربما نرى ما يخبرنا عن حاله .... فلنذهب الى ذلك الباب هناك حيث تقبع ذاكرته .... ما هذا الخراب!!!... ما تلك الأم التى تصرخ فى أولادها أن يجروا بعيدا بأقصى سرعة ... أنها تحمل رضيعا وتتثبت به كما لو كانت تتثبت بالحياة ذاتها ...ثم حدث انفجار ... لقد كان رهيبا ... أطاح بها وبأثنين من أولادها ... أنه هناك ... ذلك الطفل الصغير .... ينظر أليها ... يصرخ : أمى ..أمى لكن ما من مجيب ... يجرى هنا وهناك ... يبحث عن احدا يحتمى به ...أحدا يضع يده الصغيرة المرتجفة فى يده ويجرى معه ... ثم رآها ... كانت بيضة كبيرة .... أنها تلك البيضة التى قتلت أمه ... أنه لا يعرف ما هى لكنه يعرف أنها شريرة .... أراد أن يهرب بأقصى سرعة ... وهى تقترب وتقترب .... وهو يجرى و .................................. أنتهى كل شىء



حسنا لم يعد هناك شيئا يذكر ... فالغرفة بعد ذلك خاوية .... فلنذهب الى مكان آخر .... ما هذا ... أليس تلك غرفة الأحلام؟؟؟ ... أليست فى العادة جميلة؟؟ !!! ... أليست فى العادة ليس هناك غرفة اجمل منها ؟؟؟ ... ما لها مدمرة تماما كما لو كان هناك جيشا دخلها فسحقها !!!! ..... لكن لا بأس لندخل .... ما أجمل تلك المدرسة الكبيرة... وتلك الأطفال التى تلعب وتجرى لا تكاد تخاف من أى شىء سوى أن تُمسك فى الاستغماية .... من هذا الطبيب ؟؟؟ ... أنه يشبه ذلك الطفل الصغير ولكن أكبر سنا ... أن فى يده جائزة كبيرة تشبه جائزة نوبل .... يبدو انه قد حصل عليها ... وتلك المرأة التى رأيناها تصرخ ....أنها واقفة بجواره تحتضنه وتقبل خديه ... ما أجمل ذلك المكان الذى يقف فيه .... خضرة وزرع فى كل مكان ... مبانى ومدارس ومستشفيات .... ما تلك البلد ... أنها تبدو كبلد الأحلام ..... لكن للأسف تلك الغرفة دُمرت تماما لم يبق بها سوى تلك الصور القليلة ولا شىء أخر .... لم يعد هناك شيئا لنراه ...فلنذهب الى مكان أخر

انظر الى تلك الغرفة هناك ... أين ؟؟؟ ... هناك .... أن بابها كبير للغاية ... تعال نقترب منها .... أمممممم .... أن قفلها عنيد ... فلنحاول كسره .... لا جدوى .... حسنا لنحاول مرة أخرى .... لا فائدة ... عدنا المحاولة الالاف المرات لكن كل مرة يبدو الباب أكثر عنادا .... بعد أن أنهكتنا المحاولة ... لاحظنا وجود لافتة صغيرة على الباب لم نرها من قبل .... لافتة سطرت حروفها من ذهب ...أنها تقول


"لقد دمرتم أحلامى وقتلتم أعز الناس ألى.... لقد دمرتم جسدى الذى لم يكن بأية حال فى حجم دباباتكم وبيضتكم ....لكنكم لم ولن تدمروا أبدا باب أملى وصمودى ولو بأكبر بيضة عندكم "

توقيع


طفل من غزة