الخميس، 30 ديسمبر 2010

ومن الحلم ما قتل


يحكى انه كان فى غابر الأزمنة سلطان عظيم ملكه واسع ...اسباب السعادة عنده لا حصر لها ولكن اكثر ما كان يسعده البلابل ... كان يكن لها حبا عميقا ويعشق صوتها وجمال شكلها ... لدرجة انه جعل لها مكانا فى قصره بجوار نافذته تذهب وتجىء اليه كما تريد ... وكأن تلك البلابل تشعر بمن يحبها ويقدرها فجعل يأتى اليه كل صباح بلبل جميل الشكل ويحط بباب نافذته ويظل يقف وينظر الى السلطان لعله يطعمه ويسقيه ثم يرحل فى اخر الليل ... ولكن العجيب كل العجب ان السلطان رغم حبه له وشوقه للقائه كل يوم الا انه لا يكاد ينظر أليه او يعنى لأمره ...فقد كان هناك وعلى تلك الشجرة البعيدة بلبلا لا يكاد يعرف شكله ولم يره فى يوم من الأيام ولكن كان دائما ما يسمع غنائه العذب كل فجر ويظل ينشد هكذا حتى تشرق الشمس ... كم سحره هذا الصوت ... انه يشعر وكأنه يناديه ولكن لا يكاد يفهم شيئا من غنائه غير انه يستمتع به ايما استمتاع ويظل هكذا طوال اليوم ينظر من تلك النافذة لعل ذاك الشىء الجميل الذى ذهب بقلبه وعقله ان يحن عليه ويحط على نافذته ذات يوم من الأيام ... وظل يرسم فى خياله اجمل الاشكال ويتخيل لحظة اللقاء ...



ومرت الساعات والشهور والسنين وذاك السلطان على حاله من الأنتظار وذاك البلبل الجميل مستمر على عادته فى الغناء منذ الفجر حتى تبتسم الشمس للدنيا بينما يحفظ البلبل الاخرعهده الذى لم يقطعه و يأتى الى النافذة كل صباح ويجلس بجوار السلطان ينظر اليه ويكاد يتوسل بعينيه انى جائع فأطعمنى ولكن هيهات فيرحل فى المساء جائعا حزينا أن كيف هان على حبيبه بهذا الشكل !! ... الى ان اتى ذلك اليوم ... يوم ان توقف عن المجىء ... لم يهتم السلطان كثيرا وظل يقول لنفسه وما يعنينى فحبيبى قادم فى يوم من الأيام ولكن عندما اكتشف ايضا ان ذاك الصوت العذب لم يوقظه ذلك الفجر ذُعر واخذ القلق يفتك به ... ما الذى حدث ؟؟ ... لماذا لم ينادينى كعادته كل يوم ... لماذا هو مختبىء هكذا ... لقد مللت الانتظار ... وحزم امره وقرر انه ذاهب الى تلك الشجرة بعد ان ظل طوال تلك السنوات لا يقربها منتظرا ان يأتيه ... اقترب منها ... اخيرا هذا هو المأوى الذى يعيش فيه حبيبى ... استهاب الصعود فى البداية ولكن قلقه وخوفه على بلبله وشوقه اليه ازال كل الخوف الذى بداخله فما هى الا لحظات قليلة ويراه ... صعد الشجرة ووجد عشا صغيرا بين اوراقها و ............ ما هذا؟؟! ... ما الذى اراه ؟؟ّ! ...انه ذلك البلبل الذى كان يأتينى كل يوم ... ما الذى اتى به الى هنا !!!... ثم امسكه بيديه للمرة الأولى فوجده جثة هامدة ... شعر بخوف غريب بداخله ... أخذ ينظر حوله ... اين بلبلى ... اين ساحرى وملهمى ... اين من عشت احلم به كل يوم ... ظل يناديه لكنه لا يرد الى ان اكتشف تلك الحقيقة المروعة ...



ان من يمسكه بيديه الان هو نفسه من كان فوق تلك الشجرة مختبئا ويناديه كل فجر ... ان ذاك الحلم الجميل كان يحط بجواره يوما بعد يوم لكنه لايكاد يراه او يسمعه فقد انشغل بالبعيد ... مات ذاك الحبيب ولسان حاله يقول تلك الكلمات :نعم ... لقد احببتك كما احببتنى واردت ان اظل بجوارك واسعدك ... كنت كل فجر استيقظ مبكرا واناديك اأنى اتى وسأرحل فى اخر الليل فأستعد لى ... ولكنى لم ار منك سوى كل جحود ونكران ... كنت كل ما اريده منك ان تنظر الى وتتأمل جمالى وتطعمنى وتسقينى وكنت سأعزف لك اجمل الالحان واجعلك تعيش حلمك الذى تمنيته ولكنك اهملتنى وفضلت على سرابا حتى ضعفت قوتى وهزل جسدى ...ثم استيقظت ذات صباح فعلمت ان ساعتى حانت وان ندائى لن يتكرر ابدا ولكن اتدرى ... لم احزن لهذا كثيرا ...



فما فائدة ندائى لشخصا ...


فضل ان يعيش السراب وجعل من حلمه سجنا له ...


وجعله غشاوة على عينيه حتى لا يرى ما بيديه ...


حتى اراده واهلك من يحبه ...

0 التعليقات: